حل الخريف الخريف مرة أخرى, لكن وقعه كان اشد كآبة على نفسي هده المرة, فحين كنت شابا
لم يكن يعني لي هدا الفصل شيئا,لكن بعد تقدمي في العمر بدأت أشعر بالأيام تسرق مني و الأعوام
ولم أملك أي سبيل لاسترجاع شيء, فبدأت أرى في الخريف نهايتي و نهاية كل الأشياء الجميلة
نهاية الخضرة و نهاية كل مواسم الحصاد, ففكرت في العودة إلى الماضي وإلى شرفة منزلي
هناك من شرفة منزلي, كنت أراقب أوراق الأشجار
تتساقط الواحدة تلو الأخرى, و كذلك أيام حياتي, حتى تبقى ورقة واحدة,إن
سقطت يسقط معها النور و يحل الظلام, كم قصير عمر الأزهار, و كم قصير عمر
الإنسان أيضا, لكن حين نكون أطفالا نرى المستقبل كالأبد, إلى أن نتأقلم مع الحياة
و نساير سرعتها, و بالضبط حين نشعر بالأسى على الزمان, هنا نكون فعلا قد كبرنا و
لم نعد صغارا,
هناك من شرفة منزلي, شعرت بالحب أول مرة, فغمرني و سيطر على كل مجريات حياتي, كانت
سمراء البشرة, عسلية العيون مليئة الخدود و كثيفة الشعر, ذات قوام نحيف و رشيق,
مشيتها كرقصة الحصاد في ملاحم التراث, كنت أحبها لشخصها أكثر من شكلها, رزينة
قي تصرفاتها, حنونة و سمحة في طبعها,نادرا ما تنفعل أو تغضب, لم تشعرني بالملل
يوما, وكانت أجمل ما حدث في حياتي كلها,
هناك من شرفة منزلي أيضا, كنت أرى الناس وأراقب التغيير في مساراتهم, منهم من كان سعيدا
و منهم من كان حزينا, رأيت الفقراء يصبحون أغنياء, و الأغنياء يفحشون في الثراء,
رأيت شبابا يدرسون, يتخرجون ثم يتظاهرون, رأيت الاملاك تسرق والحقوق تهضم, رأيت
الشباب يموت على غفلة, رأيت من كان بالأمس قويا أصبح اليوم ضعيفا, رأيت الطغاة
يسقطون, ورأيت المناضلون يتحولون إلى طغاة,
من شرفة منزلي استوحيت كل خواطري, و منها مادة خام لأعمالي, كانت هي دنياي الصغيرة, و
هي ناقدتي على الحياة, و إليها سأعود يوما, سأعود وحيدا متعبا, سأعود كما يعود
المهاجر من الغربة, أعود لأزور قبر أمي و أبي, أعود لأرى من تبقى من أصدقائي, و ما
تبقى من صور الماضي, أعود كما يعود فصل الخريف, أعود لأرتب أوراقي ودفاتري ثم أكتب
آخر صفحة في مذكراتي,
لم يكن يعني لي هدا الفصل شيئا,لكن بعد تقدمي في العمر بدأت أشعر بالأيام تسرق مني و الأعوام
ولم أملك أي سبيل لاسترجاع شيء, فبدأت أرى في الخريف نهايتي و نهاية كل الأشياء الجميلة
نهاية الخضرة و نهاية كل مواسم الحصاد, ففكرت في العودة إلى الماضي وإلى شرفة منزلي
هناك من شرفة منزلي, كنت أراقب أوراق الأشجار
تتساقط الواحدة تلو الأخرى, و كذلك أيام حياتي, حتى تبقى ورقة واحدة,إن
سقطت يسقط معها النور و يحل الظلام, كم قصير عمر الأزهار, و كم قصير عمر
الإنسان أيضا, لكن حين نكون أطفالا نرى المستقبل كالأبد, إلى أن نتأقلم مع الحياة
و نساير سرعتها, و بالضبط حين نشعر بالأسى على الزمان, هنا نكون فعلا قد كبرنا و
لم نعد صغارا,
هناك من شرفة منزلي, شعرت بالحب أول مرة, فغمرني و سيطر على كل مجريات حياتي, كانت
سمراء البشرة, عسلية العيون مليئة الخدود و كثيفة الشعر, ذات قوام نحيف و رشيق,
مشيتها كرقصة الحصاد في ملاحم التراث, كنت أحبها لشخصها أكثر من شكلها, رزينة
قي تصرفاتها, حنونة و سمحة في طبعها,نادرا ما تنفعل أو تغضب, لم تشعرني بالملل
يوما, وكانت أجمل ما حدث في حياتي كلها,
هناك من شرفة منزلي أيضا, كنت أرى الناس وأراقب التغيير في مساراتهم, منهم من كان سعيدا
و منهم من كان حزينا, رأيت الفقراء يصبحون أغنياء, و الأغنياء يفحشون في الثراء,
رأيت شبابا يدرسون, يتخرجون ثم يتظاهرون, رأيت الاملاك تسرق والحقوق تهضم, رأيت
الشباب يموت على غفلة, رأيت من كان بالأمس قويا أصبح اليوم ضعيفا, رأيت الطغاة
يسقطون, ورأيت المناضلون يتحولون إلى طغاة,
من شرفة منزلي استوحيت كل خواطري, و منها مادة خام لأعمالي, كانت هي دنياي الصغيرة, و
هي ناقدتي على الحياة, و إليها سأعود يوما, سأعود وحيدا متعبا, سأعود كما يعود
المهاجر من الغربة, أعود لأزور قبر أمي و أبي, أعود لأرى من تبقى من أصدقائي, و ما
تبقى من صور الماضي, أعود كما يعود فصل الخريف, أعود لأرتب أوراقي ودفاتري ثم أكتب
آخر صفحة في مذكراتي,